حُظَيتُ بِأَحـوَى أَهيَف َ الغَدّ ِ سَمهَر ِ ... بَهِيّ المُحَيَّـا ساجِي الطَّرفِ أَحوَر ِ
رَشيقِ الخُطا عَذبِ الحَدِيـثِ مُدَلَّل ٍ ... أنيـق ٍ رَقيـق ٍ فائِق ِِ الحُسن ِ مُبهِر ِ
سَـوَاعِـدُه ُ إستَبرَق ٌ وذِرَاعُه ُ ... كغُصن ِ خُزَام ٍ لِيِّن ِ العُود ِ مُزهِر ِ
وأردافُه ُ شُرفات ُ قَصر ٍ أسَاسُه ُ ... وقائِمَتاه ُ مِن رُخَـام ٍ ومَرمَر ِ
لَه ُ قامَة ٌ كالخَيزَران ِ استِقامَة ً ... تَنُـوء ُ بِعَجز ٍ مِثل ِ جِذع ِ صَنُـوبَر ِ
وخَصر ٌ دَقيق ٌ كالسِّـوار ِ مُثَقَّل ٌ ... بِصَـدر ٍ كبُسـتان ٍ رَوَيّ ٍ مُثِمِّر ِ
وعُنق ٌ كإبريق ِ الزُّجـاج ِ مُوَشَّـح ٌ ... بِجَعد ٍ إلى تَحت ِ الحِزام ِ مُضَفَّر ِ
ووَجه ٌ صَبـوحٌ يُخجِل ُ البَدر َ نُورُه ُ ... إذا ما تجَلَّى كالسِّراج ِ المنوِّر ِ
مُحَلَّـى بكَحـلاويَّـتـيَن ِ نَوَاعِـس ٍ ... وأنف ٍ كسَيـف ٍ لِلنِّزال ِ مُشَهَّر ِ
وخَدّ ٍ أَسيـل ٍ تَستَظِلُّ حَوَافُه ُ ... بِباقات ِ وَرد ِ الوَجنَتَين ِ المُحَمِّر ِ
وثَغـر ٍ نَدِيّ ٍ مُستَسـاق ٌ رِضابُه ُ ... زَكِيّ ٍ كزَهر ِ الإرجُوَان ِ المُعَطَّر ِ
يُغَلِّف ُ أَسنانا ً يَشِع ُّ بَرِيقُهـا ... كحَبَّات ِ ياقُوت ٍ ودُرّ ٍ وجَوهَر ِ
إذا مَر َّ مِن جَنبَـك َ فـاح َ عَبيرُهُ ... كرَيحانَة ٍ رُشَّـت بِمِسك ٍ وعَنبَر ِ
وإن تلتَق ِ الأعيان ُ خِلْت َ كأَنَّما ... رُمَيت َ بِسَهم ٍ أو طُعِنْت َ بِخِنجَر ِ
وإن يَبتَسِم ْ خـارَت قـوَاك َ كأنَّما ... تَعَاطَيـتَ كَأساً مِن شَرَاب ٍ مُخَدِّر ِ
وإن مَد َّ يَـدّاً لِلسَّلام ِ مُصَافِحاً ... لَصَرتَ طَرِيحاً فِي الفِراشِ لأشهُر ِ
وما دامَ طَـرفُ المَرء ِ مِـرآةُ قَلبِه ِ ... وعَمَّا يَكِن ُّ الصَّدر ُ خَيـر ُ مُعَبِّر ِ
فقَدْ لا تَرَى فِي دِفءِ نَظرَاتِهِ سِوَى ... دَليل ٍ عَلى فَرط ِ الهَوَى ومُؤَشِّر ِ
وفِي مَشيِه ِ مُستَعرِضا ً وكإنَّه ُ ... سَـفَنَّجَـة ٌ تُبـرِي لأربَـد َ أزعَر ِ*
زيادَة ُ تأكِـيـد ٍ بأنَّه ُ وَالِـه ٌ ... ورُب َّ سَبيـل ٍ للوِصال ِ مُيَسَّر ِ
ولَـكِنَّه ُ إن تأت ِ مِنك َ إِشـارَة ٌ ... تَغاضَى كمَا لَو لَمْ يَحُسَّ ويَشعِر ِ
وإن تُبد ِ إعجابا ً أشاح َ بوَجهِه ِ ... وإن تَبتَسِم ْ يُبد ِ الجَفـا ويُكشِّر ِ
وإن تَبتَعِـد ْ لاقـى لِرُؤيـاك َ حِيلَة ً ... وإن تَقتَرِب ْ مِنه ُ يَصُـدَّ ويَنفُر ِ
فلَيس َ مُوَاف ٍ بالوِصـال ِ ومُقبِل ٌ ... ولا بمُجاف ٍ بالفِـراق ِ ومُدبِر ِ
خَذُول ٌ رَؤُوق ٌ مُبتَلَى بجمالِه ِ ... وحُبّ ِ التغَلِّـي والحُظُو والتبَختُر ِ
يُمَنِّيك َ أحلام َ الكَرَى ثُم َّ يَنثَنـي ... ومَهما ضَناك َ الشوق ُ لا يَتأثَّر ِ
ولمَّا رأيت ُ الصدر َ ضاق َ بصَبرِه ِ ... وجاشَت فُؤادي بالجَوَى والتضَجُّر ِ
أمَرت ُ هَوَاه ُ أن يغـادِر َ أضلُعي ... وإلاَّ فيَخضَع ْ للحِصار ِ ويُجبَر ِ
فلَمْ يَثنِه ِ أمر ٌ ولا قَول ُ ناصِح ٍ ... ولَمْ يَنءِ وفقا ً للقَـرار ِ ويَهجُر ِ
فأوصَدتُ قَلبي ثُمَّ قُلتُ لهُ احتَمِلْ ... ومَهما تَجَرَّعتَ المَرارَةَ فاصبِر ِ
ولَكِن َّ سُلطان َ الغَرام ِ إذا قَضَى ... فما المَرءُ فِي أمرِ الهَوَى بمُخَيَّر ِ
فرَغمُ التِزام ِ البُعد ِ ما زال َ طَيفُه ُ ... نَهاراً ولَيلاً إن غَفا الطرفُ يَخطُر ِ
فيَدخُل ْ دَهاليز َ الدِّماغ ِ تَخَفِّيا ً ... ويَعـبَث ْ بإعـداداتِه ِ ويُبَـعـثِر ِ
فيُوقِضْ حَنيناً يُشعِلُ الجَـوفَ لَوعَةً ... كجِذوَة ِ نار ٍ فِي الفُؤاد ِ مُسَعَّر ِ
وشَوقاً يَهُزُّ النَّفسَ فِي كُلِّ لَيلَة ٍ ... فأمسِي ألَهِّيـها ببَعـض ِ التذَكُّر ِ
أذَكِّـرُها ماض ٍ تَقـادَم َ عَهدُه ُ ... وأضحَى بَعِيداً خَلف َ سَبعَة ِ أبحُر ِ
رَعَى الله ُ أيَّام َ الطفُولَة ِ والصِّـبا ... رَعَى الله ُ أيَّام َ الشباب ِ المُبَكِّر ِ
زَمان ٌ رَسَمناه ُ كأروَع ِ لَوحَة ٍ ... بِأنصَع ِ لَون ٍ فاق َ كُلَّ تَصَوُّر ِ
تَذَكَّرتُه ُ يَوما ً فأهتَج َّ خافِقي ... وأرتَجَّ مِن فَرط ِ الأسـا والتحَسُّر ِ
وفاضَت دُمُوعُ العَين ِ فَيضَ غَمامَة ٍ ... وسالَت عَلى خَـدّ ٍ وثَـوب ٍ ومِئزَر ِ
وقادَتنيَ الذكرى إلى كُلّ ِ مَوضِع ٍ ... وما زادَني التذكَـار ُ غَير َ تَكَدُّر ِ
وأضغاث ِ أحلام ٍ تَقُض ُّ مَضاجعي ... تذَكِّرُني أغلى الرُّبى سِروَ حِميَر ِ
سَلام ٌ عَلى أَرجاء ِ يافِـع َ كُلِّها ... جِبال ٍ ووِديان ٍ شِعاب ٍ وأسرُر ِ
سَلام ٌ عَلى أشجـارِها وحِجـارِها ... سَلام ٌ عَلى سُكَّـانِها خَير ُ مَعشَر ِ
سَلام ٌ عَلى أطـفـالِها ورِجـالِها ... وكُـلّ ِ حَرائِرهـا كِبـار ٍ وصُغَّر ِ
سَلام ٌ عَلى ثَمر ٍ وعُـرَّ وقارَة ٍ ... وجـار ٍ وشَمسان َ وقَرن ٍ ومَنفَر ِ
سَلامٌ عَلى وَادي حَطيـبٍ وتُلُّـب ٍ ... وذِي ناخب ٍ ومَعرَبان َ وعَقوَر ِ
وضِيك ٍ وشَعب ٍ وسَـرار ٍ ومَنقَل ٍ ... ودان ٍ وسَبَّـاح ٍ وضُول ٍ وجَعفَر ِ
رَوَابي بِلاد ِ الرِّيف ِ فَذ ٌّ جَمالُها ... وقَدْ لا يضاهي حُسنَها أيُّ مَنظَر ِ
ومِن أجمل ِ الأجواء ِ أجواءُ يافِـع ٍ ... مَتَى زُرتَها تَزدَد ْ ذهولاً وتُؤسَر ِ
تَرَى يَهَرا ً بالصَّيف ِ مِثل ُ خَميلَة ٍ ... يَعُود ُ إليها الطَّير ُ مِن كُلّ ِ مَهجَر ِ
تَنُـوسُ بِها الأغصَـانُ مِثل ُ رَوَاقِص ٍ ... غَـوَان ٍ تَمايَلن َ بحَفلة ِ مَسمَر ِ
كإن َّ رَنانا ً حيـن َ يَزهِر ُ بُنُّها ... عَروسٌ بِزَيٍّ زاهِي اللَّـونِ أخضَر ِ
تَرَى التِّين َ والزيتُون َ فيها كإنَّها ... نُهُود ُ عَذارَى فِي عَباء ٍ مُخَصَّر ِ
ولَمَّا تَجُـود ُ المُزنُ فَوق َ جَواحِل ٍ ... فتغلِق ُ شَلاَّلاتُها كُل َّ مَعبَر ِ
ويَمسي خَريرُ السيلِ كالهَيـجِ هادِرٌ ... ويَسفَح ُ مِنه ُ كُلُّ ساح ٍ ومَدفَر ِ
فتَغدُو الزحاحا يَعكِسُ الشمسَ ماؤُها ... وُجوه ُ مَرايا لُمِّعَت بمُصَنفِر ِ
سيشجيك َ صَوتُ الطير ِ تَشدو كإنَّها ... ثَمالَى وإن لَمْ يَصطَبِحنَ بمُسكِر ِ
وأصواتُ كُلّ ِ الناس ِ حَمداً لرَبِّـهِم ... عَلى الغَيـث ِ بَين َ مُهَلِّل ٍ ومُكبِّر ِ
وتَبد ُ الذُّرَى فَوق َ الضباب ِ كإنَّها ... أساطيلُ جَيشِ الرُّومِ في بَحرِ مَرمَر ِ**
وقِنـدَاس ُ مَنصُـوب ٌ كإن َّ حُصُونَه ُ... مَقَر ٌّ لأركانات ِ حَرب ِ معَسكَر ِ
حَبَى اللَّه ُ دَار َ الراشِـدِي فأعَزَّها ... بناس ٍ أجاوِيد ٍ وشَـيخ ٍ مُوَقَّر ِ
عَقيق ٌ وياقُـوت ٌ طَبَائِـع ُ أهلِها ... وأخلاقُهُم كَأسَات ُ شُهد ٍ وسُكَّر ِ
سَلام ٌ لها ولسَاكِنيهـا وشَيخِهـا ... مَعالي/ عَلي عَبد ِ القَويّ مُنصَّر ِ
وتِلكَ الشماريـخ ُ العَوالي شَوامِـخ ٌ ... بوَجهِ العِدَى طُولَ المَدَى لَمْ تُقَهقَر ِ
كتُزِّيـح َ والجَـمَّـا وتُمـر َ ورادِع ٍ ... ويُسقُم َ والحَمراء ِ والقَود ِ لَعصَر ِ
تظِل ُّ السُّوَيدا والحُصُـون َ وحُذرَة ً ... ومُورَة َ والهَشَّاش َ واسفَل َ مَهجَر ِ
قُرَاهـا المِنـاعُ الحازِماتُ خُصورَها ... ليَرضَعنَ عَزماً مِن صَميماتِ أصخُر ِ
وإن زرتَ لَبعُوس َ وطفتَ بصانِب ٍ ... وحَولَ اليَزيدي والقُعيطي وعَنتَر ِ
وسَفح ِ بَني بَكر ٍ وبِرء َ وقُدمَة ٍ ... ومَحجَبَـة ٍ والمُفلِحـي ّ ومَدوَر ِ
وَجَدتَ امتِـزاجاً بَينَ ماض ٍ وحاضر ٍ ... وبَينَ تُراث ٍ زاخـر ٍ وتَحَضُّر ِ
وتَلق َ عَلى فَـنّ ِ البِناء ِ شَوَاهـداً ... قُصُورَ قُرَى آل ِ الصلاحي ولَقمَر ِ
وفي شاهقِ السعديّ إن بتَّ لَيلَـةً ... تَرَ الطقسَ ذا الوَجهِ العَبُوسِ المُكَفهِر ِ
وقَوماً كأشبـال ِ السِّبـاع ِ تَعَوَّدت ... عَلى نائِبات ِ الدهر ِ دُون َ تَذَمُّر ِ
تَنـام ُ عَلى بَردِ الصقيـع ِ مُزَمهِر ٌ ... وتَصحُو عَلى صَوتِ الرِّياحِ المُزَمجِر ِ
ومَن كَـلَد ٌ خَصمٌ له ُ بات َ خائِفا ً ... وإن كَـانَ فِي حِصنٍ مَنيـعٍ مُسَوَّر ِ
فمَن يلقَها حَربا ً تَيَقَّن َ حَتفُه ُ ... ومَن حَلَّـهـا ضَيفاً يَهِلَّ ويَيشِر ِ
لَدَى كُلِّ بَيت ٍ نَحوَ عُشرينَ مُقرِن ٍ ... سِمان ٍ مَتى ما جاء َ ضَيف ٌ تُنَحَّر ِ
ففِي يافِع َ التاريخ ُ يأتيك َ شاهدا ً ... عَلى مَجد ِ أسلاف ٍ صَناديـدَ جُبَّر ِ
وحاضِرِ أخلاف ٍ إذا شَبَّت الرُّحَى ... تَهِـبُّ كبُركان ِ اللَّظَى المُتَفَجِّر ِ
يُفاعَة ُ عنـوَانُ الإبـاءِ مَتى دُعَت ... إلى نُصرَة ِ المَظلـوم ِ لَمْ تتَعَذَّر ِ
سِراعاً تلبِّي داعي الحَقّ ِ إن دَعا ... فتأتي سَرايا عَن يَمين ٍ وأيسَر ِ
ففِي نُصرَةِ الإسلامِ لَمْ تألُ جُهدَها ... رِجال ٌ تَصَـدَّت للرِّمـاح ِ بأصدُر ِ
وفازَت بتأريخ ٍ عَريق ٍ وناصِع ٍ ... بدِلهي ومَصر ٍ والعِراق ِ مُسَطَّر ِ
يُفاعَة ُ يَنبـوع ُ العَطـاء ِ مَتى رأَت ... مَجـالا ً لفَعل ِ الخَيـر ِ لَْم تَتأَخِّر ِ
جَزَى الله ُ خَيرا ً كُل َّ يَدّ ٍ تَفَضَّلَت ... ومُدَّت بوَقتِ الضيق ِ عَوناً لمُعسِر ِ
يُفاعَة ُ أَلماس ٌ نَسَبـها وأصلُـها ... نَقي ٌّ نَقاء َ الماء ِ غَير ِ المُعَكَّر ِ
فهُم رَأسُ حِميَر َ المُشيدُونَ مُلكَها ... وهُم وَارِثو أمجاد ِ سَيف ٍ وشُمَّر ِ
يُفاعَة ُ دِرع ٌ للتَّـصَـدِّي مَتى غَزَت ... قُوَى الشرّ ِ والعِـدوَانِ جاراً تَغَوِّر ِ
تقِف فِي طَريقِ الطامعِينَ كشَوكَة ٍ ... وتَخز ِ غُرُور َ الظالِميـن َ وتَكسِر ِ
فقَد قاوَمَت زَحفَ الإمام ِ وظُلمَه ُ ... وقَادَت تَحَالُفـها لنَصر ٍ مُظَفَّر ِ
وهَبَّت صَناديد ُ الجَنُوب ِ بصَفِّها ... لدَحر ِ احتِلال ٍ غاشِـم ٍ مُتَجَبِّر ِ
فرَدفَانُ وَقتَ السِّلم ِ نُبلٌ ورِفعَة ٌ ... وفِي ساحَة ِ الميدانِ كَمِّنْ غَضَنفَر ِ
سَلام ٌ عَليكُم أهلَنا فِي رُبُوعِهـا ... بمَحلَى وفي وَادي صُهَيب َ ومُثبِر ِ
* عجز البيت من معلقة طرفة بن العبد، مع تبديل مواضع الكلمتين الأخيرتين
[ لأزعر أربد ِ ] [ لأربد أزعر ِ ] ..... وعنى النعامة حين تعرض لذكرها.
** المقصود بحر مرمرة التركي.
و
" انتظرونا في الجُزء ِ الثاني "
*****
.